زراعة كلى الخنازير للإنسان تخطو خطوة جديدة بعد موافقة هيئة الدواء الأمريكية على التجارب السريرية
قفزة نوعية جديدة
حقق العلم قفزة نوعية جديدة في مجال زراعة الأعضاء الحيوانية للإنسان، حيث أعلنت شركة eGenesis، المتخصصة في تعديل جينات الخنازير لزرع أعضائها في البشر، عن حصولها على تصريح رسمي من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) للبدء بالتجارب السريرية الواسعة على زراعة كلى الخنازير البشرية.
تأتي هذه الخطوة بعد سنوات من التجارب والأبحاث التي وضعت حجر الأساس لاستخدام أعضاء الخنازير المعدلة جينيًا في علاج مرضى الفشل الكلوي. وتعتمد التقنية المتقدمة على تعديل جين مسؤول عن إنتاج جزيء الألفا جال (Alpha Gal)، وهو المركب الرئيسي الذي يسبب رفض الجهاز المناعي البشري للكلى الحيوانية مباشرة. باستخدام تقنية التحرير الجيني “كريسبر” (CRISPR)، تمكن الباحثون من إزالة هذا الجين، مما يجعل الأعضاء أكثر توافقًا مع جسم الإنسان.
وقال بول كونواي، رئيس الشؤون السياسية والعالمية في الجمعية الأمريكية لمرضى الكلى: “نشهد الآن مرحلة مفعمة بالأمل والتفاؤل، حيث يمكن لهذه التقنية أن تنقذ حياة مئات الآلاف من المرضى الذين يعانون من نقص حاد في الأعضاء المزروعة”.
ثالث عملية ناجحة
وعلى الصعيد العملي، شهد مستشفى ماساتشوستس العام إجراء ثالث عملية ناجحة لزراعة كلى خنزير معدلة جينيًا في يونيو الماضي، لمريض يدعى بيل ستيوارت، الذي عاد إلى حياته الطبيعية وعمله بعد العملية رغم معاناته الطويلة من الفشل الكلوي واضطراره للغسيل الكلوي.
يعاني ستيوارت من ضعف حاد في وظائف الكلى بنسبة لا تتجاوز 15%، وهو ما استدعى بدء العلاج بالغسيل الكلوي ثلاث مرات أسبوعيًا لمدة تفوق السنتين. وكان فصيلة دمه O سببًا في زيادة فترة الانتظار للحصول على كلى مناسبة من متبرع بشري، حيث قد تصل هذه الفترة لعشر سنوات.
يُذكر أن أكثر من 100,000 مريض في الولايات المتحدة ينتظرون عضوًا جديدًا للزراعة، وتشكل أمراض الكلى النسبة الأكبر، ما يجعل زراعة كلى الخنازير حلاً واعدًا ونادرًا ما كان متاحًا بهذه السرعة.
ومن بين رواد هذا المجال، ريك سليمان الذي تلقى أول عملية زرع ناجحة لكلى خنزير معدلة جينيًا في العالم عام 2024، وكذلك تيم أندروز الذي ما زال على قيد الحياة وهو أطول مريض يتلقى كلى خنزير حتى الآن.
بالإضافة إلى ذلك، تمكن فريق في جامعة نيويورك لانغون الطبي من زراعة كلى خنزير إلى جانب مضخة قلب ميكانيكية لمريضة تعاني من فشل في القلب والكلى، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الحالات المعقدة.
تأتي هذه الإنجازات في وقت تعاني فيه مراكز الزراعة التقليدية من نقص حاد في الأعضاء المتبرع بها، ما يطيل من قوائم الانتظار ويزيد من معدلات الوفيات.
هذه التطورات تعكس تحولًا جذريًا في الطب التعديلي والجينات العلاجية، وأملًا جديدًا لملايين المرضى حول العالم ممن ينتظرون فرصة لإعادة الحياة لجسمهم عبر الحصول على عضو جديد متوافق وآمن.